بقلم: أحمد الحوتي
ويبدو أن مجتمعاتنا البدوية صاحبة هذا النمط قد احتفظت له بمساحة خاصة، ينطلق خلالها فى صمت مميز، يرصده الراصد، فإذا هو محدد بخلوه الواضح من المفردات الحيوانية، دون أن يستطيع الراصد الوصول – على الأقل فى هذه المرحلة – إلى أسباب واضحة يطمئن إلى سلامة تعبيرها عن الواقع الموضوعى الذى يلاحظه على أن نصوص العلم لم تخل تماماً من أثر المفردات الحيوانية، فهى:
أولاً: تتضمن بعض نصوص تقوم تشكيلياً على بعض هذه المفردات وهى النصوص التى أثبتناها هنا ولئن كانت هذه النصوص واضحة القلة بالقياس إلى حجم ما جمع من نصوص العلم، فإنها تحد من إطلاق صفة الخلو، وهى
ثانياً: اتخذت من بعض صفات الحيوان أو بعض أحواله علماً على قسم منها، جاء هذا الاسم (الحيوانى) ليميزه عن غيره تمييزا معياريا – يتصل بخصائص فنية تحل هذا القسم محلا متقدما فى سلم التراتب، إذ يطلق على هذا القسم من نصوص العلم اسم (غناوة رغوث)، والرغوث هى الشاة التي وراءها خروف أو جدى، ويعنى هذا المصطلح أن الغناوة كبيرة وغامضة، والغموض هنا يعنى أنها مركبة، ونموذجها:
كماه ذيبله رداه جحده صاف شاكبه وحل
ومعناها أن شخصا ما قد أخفى حبا – أو هما – فجعله ذابلا مترديا، وأنكره فجف عوده، وعندما شكا به تورط ولم يجد مخرجا، فحال هذا الشخص شديدة التركيب إذ لا يستطيع إخفاء حبه – أو همه – ولا يستطيع إنكاره ونفيه والتخلص منه، وهو كذلك لا يستطيع أن يكو به أو منه، واستخدام الزمن الماضى فى أفعال النص (سبعة أفعال متوالية) يقصد به تحقيق ضرب من ضروب التوكيد، بينما الواقع هو الزمن المضارع. وهذه الحال المركبة لمحمول النص تنعكس فى تركيب النص، بما يقتضى من الملتقى جهدا ذهنيا مضاعفا يناسب الجهد الذى استغرقه بناء النص، أما القسم الآخر فيطلق عليه اسم (غناوة جلده)، والجلدة هى الشاة التى لا ولد لها، ومن ثم فإن الغناوة الموسومة باسم جلدة، ستكون حتما صغيرة وبسيطة التركيب ولو على نحو نسبى بالقياس إلى الجلدة "هى التى لا توجد لها ابنة (شتاوة) [1]، وعلى أى التفسيرين [2] فإن ما يعنينا هو أن نصوص العلم الغناوة (الرغوث)، ويذهب بعض الباحثين إلى أن الغناوة (الرغوث) هى "التى تعقبها ابنتها الشتاوة"[3] وأن الغناوة قد اتخذت لقسمها الأساسين علمين ينتميان إلى عالم الحيوان على نحو أصيل.
ويتسع هذا الوجه من أوجه اتصال (العلم) بالمفردات الحيوانية لحد قيام بعض نصوص صوب خليل تشكيلياً على هذه المفردات، فمن حكايات الصوب أنه "يقف القط على حفرة الفأرة وهى خائفة والقط يقول:
ولهان خاطرى بأقدار يسيرن من ناسا علم
وتستجرح الفأرة بالغناوة، ولكنها عندما تخرج رأسها من الحفرة تجده قطا فتخاف وترجع حفرتها. وطالت مدة الانتظار فتعب القط وذهب إلى القنفذ سلطان الدويبات واشتكى له رغبته. وذهب القنفذ إلى الفأرة وبلغها مقالة القط وسألها رأيها؟ فقالت: من هو؟ فقال : قط . وبعد أن تزوج القط من الفأرة قالت هذه الغناوة:
أصحى من عوايد بوك أتغفل راك تسهى يا علم
ولعل فى هذه الأوجه ما يشير إلى أن ظاهرة شعر العلم لم تخل من اتصال حيوى بمفردات الحيوان، مهما تكن ضآلة انتشار هذه المفردات خارج دائرة هذه الأوجه. على أن هذه الضآلة الغالبة على قطاع كبير من نصوص العلم تظل شاخصة تدعو إلى مزيد من الفحوص الموثق أو التحليل المتأمل أو كليهما معاً.
نماذج من غناوي العلم
غنواهم بعد غنواي
**
حجة اعزاز لقيوها علي
بكيت بيه ما من دمع
**
وطامر امصاوه لا وراء
انظرى شايلا العزيز
**
وأنوازن امعاه وهايبه
بالركن يا نظر عيني
**
انجيت للمواهيم نسرقك
ما يلومنى عزيز بنقص
**
نجرى واره لومانى غنى
اغنى عزيز وأنسيناه
**
وافضى جديد جيناه ارتهن
خذيت قرعتى فى الصوب
**
توفاى كيل وازياده أخرى
جميل بيش بيه ايغلى
**
عزيز ما قطع فى اظهورنا
نحساب مشيتى للدار
**
قلعة ارياف رديت بمرض
ما غيهبه غنواي
**
قدع قديم يومى بالغلا
أموالى عزيز ابكاي
**
لولا غلاه تمالى عدو
خراب صوبنا القديم
**
أقسام فى امخاطاه فى علل
ايجيهن بلا تهاوي
**
ايام قبل نومى ونومهم
العقل شال منى النيران
**
صليبا مع ميل دنيتا
دعا ما دعيت عليك غير
**
قلت مولاى ياخذك
خذيت قرعتك يا ياس
**
والى فاضلا شورالدهر
اللى رغبت فى دنواه
**
يدمالى ودارا امقابلا
منشاب طوطشا مرهون
**
طشانا كلا واجد على
لويدير 100 عيب
**
عزيز عندنا هو لولى
نردم النار نين اتغبا
**
يخطر عزيز يسفاها على
وطيت فيه ثاب معاي
**
منشاب نار ناسيه رادما
العين فى تراب الدار
**
تسفاه اتقول خلونى لمن
مربوط فى مواثق ياس
**
الخاطر ايلاوى على الجضر
صعيب يا كتاب الصوب
**
حتى أن كان قارى نجهله
نأمل أن نكون قد سلطنا الضوء على هذا المورث الرائع. وقد تفضل الأخوة محمد الشوشان الفاخري، والأخ بشار بورقية الفاخري، والأخ نوح الراحل المشيطي، والأخ مرعي بوفرنة الفاخري بإرسال بعض النماذج إلينا لاستكمال هذة المقالة . أقدم شكري لهم. وأسأل الله أن يجعل عملنا هذا خالصة لوجهه الكريم هو نعم المولى ونعم النصير
مع تحياتي/ الباحث احمد الحوتي
الثلاثاء يوليو 08, 2014 12:02 pm من طرف Ahmed Mohamed
» نتائج التعليم الثانوي في ليبيا2014
الأحد يوليو 06, 2014 10:15 pm من طرف الزعيم
» برجك في شتاوة
السبت يوليو 05, 2014 2:52 pm من طرف Ahmed Mohamed
» صفحتنا على الفيس بوكــ
السبت يوليو 05, 2014 2:26 pm من طرف الزعيم
» نساء مطرودات من رحمة الله
الأربعاء نوفمبر 27, 2013 7:57 am من طرف أبوالمغاير
» مقارنة
الثلاثاء نوفمبر 26, 2013 4:36 pm من طرف أبوالمغاير
» * القشـــــطة * فاكهة سحريـــــة
السبت أكتوبر 19, 2013 6:10 pm من طرف أبوالمغاير
» مخاطر الضرب على الوجه
الجمعة مايو 31, 2013 10:23 pm من طرف الكابو
» للعبرة ... اياك ان تعتقد انك الوحيد على الحق فى هذه الد
الإثنين مايو 20, 2013 9:17 am من طرف أبوالمغاير
» التحذير من تناول اجنحة ورقاب الدجاج
الإثنين مايو 20, 2013 8:39 am من طرف أبوالمغاير
» البرزخ مشاهد مذهلة لضاهرة إلتقاء الأنهار فيديو+صور
الأحد مايو 19, 2013 9:32 am من طرف أبوالمغاير
» غناوي وشتاوات في غاية الروعه
الإثنين أبريل 29, 2013 10:25 am من طرف Ahmed Mohamed
» الغناوة الجزء الثاني بقلم: أحمد الحوتي
الإثنين أبريل 29, 2013 10:20 am من طرف Ahmed Mohamed
» العلم ,, بقلم أحمد الحوتي
الإثنين أبريل 29, 2013 10:16 am من طرف Ahmed Mohamed
» أفضل 10 أطعمة تحتوي على نسبة عالية من الحديد فقر الدم
الإثنين أبريل 29, 2013 9:23 am من طرف شذى الورد
» 10 فوائد تجعلك تشرب القهوة بكل حب
الإثنين أبريل 29, 2013 9:02 am من طرف شذى الورد
» أفضل 10 أطعمة لنمو العضلات
الإثنين أبريل 29, 2013 8:59 am من طرف شذى الورد
» هوانغلو"القرية صاحبة السكان الأطول شعر في العالم بالصور
الإثنين أبريل 29, 2013 8:43 am من طرف شذى الورد
» هل تعاني من اصفرار فى لون أسنانك؟
الثلاثاء مارس 19, 2013 7:54 am من طرف شذى الورد
» كيف تتخلص من كرشك ؟!
الثلاثاء مارس 19, 2013 7:53 am من طرف شذى الورد